Get Mystery Box with random crypto!

هكذا يتجلى الفراغ العظيم -بدلا من الانفجار العظيم- في الحياة ا | السبيل

هكذا يتجلى الفراغ العظيم -بدلا من الانفجار العظيم- في الحياة الغربية الفارهة، وهكذا يصير للأشياء قيمة بلا مقدار، الحبُّ والإنسانُ وسلةُ القمامة في لوحة ممزقة يبلغان ثمنا لا يجنيه آلاف من عمال النظافة -مُجتمعِين- المحبين لزوجاتهم بثيابهم الممزقة المتسخة، رغم أن تلك القيم في تلك اللوحة الممزقة بلغ ثمنها 25.4 مليون دولار وذلك بعدَ تمزُّقها إذا كان يبلغ ثمنها قبل التمزق 1.4 مليون دولار، فكلما بلَتْ واتسخت ارتفعت قيمتها، والإنسان يبلى ويتسخ فتُبخسَ قيمتُه في مفارقة عجيبة في دَيْدَن الغرب وشعوره الجارف بالفراغ.

تنقلب عند الفراغ الموازين، ويصبح كل ذي قيمة بلا قيمة، ويصير الفنان مخترعا عالما، ولاعب كرة القدم من أثرياء المعمورة، ويصير الرجل العابد زاهدا في كل شيء لا قيمة للدنيا عنده سوى شيء من لباس رث قديم بلا زوجة ولا ولد، بينما يكون شيخه وسيده مقلدا بقلائد الذهب والعاج، ويصير الشخص الفارغ من الإيمان مثقفا عارفا، فإذا سكِر وشرب الكحول صار شاعرا، والإباحية تصبح عملا وتجارة فتلك عندهم رابحة، ولا بأس بمساومة البشر آنذاك وتقديمهم سلعا بأغلى ما يملكون، ولكنهم ينتحبون بكاءً لاغتيال حرية امرأة -كما يصفونها- عند ارتداء الحجاب، أما سلبُ الجسدِ لباسَه الذي يواري سَوءاتِه فَنٌّ، والتعري انعتاقٌ من كل عبودية، والسترُ جهلٌ وظلام.

هذا هو الإلحادُ الماديُّ في أبشع صوره، ففيه يَدْعون كي تكون الشهوةُ الإله والحاكم والمسيطر، فالشذوذ يصير اختلافَ أنواع، والتحول الجنسي حريةٌ فطِر عليها الإنسان، وممارسة الجنس بعقد زواج شرعي عبودية للجسد، أما الزنا فجسد حُرٌّ يفعل ما يشاء.

وبهذا ليس عجيبا في عالم المادة الخالية من كل رُوح أن تبلغ هذه اللوحةُ كلما تمزقت سعرا أعلى، فالإلحاد يمزق الإنسان من داخله ويوهمه أن قيمته في عيون الناس زادت وقدرَه عظُم وهو في الحقيقة لا يزيد عن أن يكون أكذوبة يجنون منها المال والثروات.

يوسف محمد