Get Mystery Box with random crypto!

ليس هناك مَن لا يحبُّ الأطفال، ليس شرطًا أن يكونوا أولادَنا، إ | السبيل

ليس هناك مَن لا يحبُّ الأطفال، ليس شرطًا أن يكونوا أولادَنا، إنَّما هي فطرةٌ بشرية، ما إنْ تُبصر طفلاً حتى تراه يتلو عليك آيات الفطرة والبراءة، وهذا سبب محبتهم، لخلوهم من أية مكتسبات.

الدين في منظومته تقريبٌ للناس من تلك المرحلة، كي نلقى الله ونحن على صفاتٍ من تلك المرحلة، أوليس منتهى التعبير عن الغفران يوم عرفة في أن الحاج يعود كيوم ولدته أمه، بلى.

أوليس كل مولود يولد على الفطرة، وأنّ البعدَ عن هذه المنظومة هو الشقاء، بلى.

الله لا يطلب منك أن تنسى نصيبك من الدنيا، بل أن تكون لك حياة جميلة فيها، لكنه تعالى، يريدك أن تبقى بالصفاء الذي خلقك عليه، لا لشيء له، فإنه غني عن العالمين، إنما، ليتحقق العدلُ في خلقنا، كي لا نتململ من خلقه لنا في حياة تكتسي أرديةَ الكآبة والعبودية والشقاء.

خلقكَ ووضع لك نظامَ تشغيل، لا يتعلق بكَ وحدك، لأنك في مجتمع، شقاؤه نائلك مهما اتقيت، وسعادته شاملة إياك مهما تداريت.

كل هذا الحزن الذي تعيشه البشرية، كل هذا الشقاء، مردّه إلى عطش الأقاحي إلى ماء السماء، مرده إلى بعدنا عن مرحلة التشغيل الأولى، تلك التي يحرص الدين على عدم انقطاعك عنها، فهي المركز الذي بانفصامك عنه، تتغير ذاتك، لتنتقم من ذاتك، وليس الانتحار سوى تجليات لهذا الذي أقوله لك.

والعجيب أن الإنسان بعد تمزيق نظام التشغيل الرباني، يُحيل جرائرَه إلى الله، فيسخط على خالقه، ويتأفف مما يبدو له إهمالاً منه جل وعز.

إن الله، في زواجك، وحياتك، وعملك، ومعيشك، وحركاتك، وسكونك، قد وهبك أجنحة تسمو بها إلى سماء السعادة، كسرتَها ثم اشتكيت، نبذْتَها ثم سخطت أو انتحرت أو بكيت.

حين تتبع نظام التشغيل في عملك، وتهمله في زواجك، فقد عطلت نظام التشغيل، مهما تدثرت بأكسية التسويغ والاجتهاد، لا اجتهاد في مورد التشغيل، بل في أشياء أخرى، وليست منك، بل من متخصصين بدراسة هذا النظام.

حين تصلي وتصوم وتظلم زوجتك التي رباها رجلٌ آخر بالدم والدموع والجهد والونى، فقد ابتعدتَ عن مرحلة التشغيل الأولى، وتسببت في بعدها كذلك.
حين تصومين الاثنين والخميس، وتهملين من حاجة زوجك ما تعلمين أنها موضع حزن فيه، فإنك ابتعدتِ عن مرحلة التشغيل الأولى..

وهكذا في كل نواحي الحياة، تخففوا من أنظمة التشغيل التي أبعدتكم عن الفطرة، السعادة في الاقتراب من مركز التشغيل الأساسي، حيث الينابيع العذبة.

ولا تقلق، فهناك ألف طريق للعودة إلى مرحلة الصفاء الأولى، حيث براءة الطفولة التي نحب، وليست الصلوات والأذكار والعبادات والتهجد ... سوى بواباتِ رجوعٍ وحبال اتصال مع الخالق، الذي لا يعرف الكآبةَ مَن عرفَه، ولا يفضّل على نظامه شيئًا مَن عبده.

د. أحمد علي عمر