Get Mystery Box with random crypto!

¦ مسائل وأحكام في صيام عاشوراء ¦ للشيخ د. صالح العصيمي - المد | فوائد الشيخ د. صالح العصيمي

¦ مسائل وأحكام في صيام عاشوراء ¦

للشيخ د. صالح العصيمي - المدرس في الحرمين الشريفين وعضو هيئة كبار العلماء.

‏•••═══ ༻✿༺═══ •••

عاشوراء هو عاشر المحرم الحرام، وصيامه على مرتبتين:

• المرتبة الأُولى: صيامُه مفردًا.
وكان هذا هو فعله ﷺ لمَّا كان صيامُه فرضًا، ثمَّ استمرَّ عليه حين صار نَفْلًا، وعزَم آخرَ عمرِهِ أن يصومَ معه التَّاسع، كما في حديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما؛ أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ لمَّا صام عاشوراءَ، وأمرَ بصيامِهِ، قالوا: يا رسولَ اللهِ إنَّه يومٌ تُعَظِّمُه اليهودُ و النَّصارى، فقال رسولُ اللهِ ﷺ ( فإذا كان العامُ المقبِلُ – إن شاء الله – صُمنا اليومَ التَّاسعَ)
قال: فَلَمْ يأتِ العامُ المقبِلُ حتَّى تُوفِّيَ رسولُ اللهِ ﷺ . رواه مسلمٌ.
وفي روايةٍ له: (لَئِن بَقِيتُ إلى قابِلٍ لأَصُومَنَّ التَّاسعَ).

وكان مُحرِّكُ عزمِهِ هو طلبُ مخالفةِ اليهودِ والنَّصارى، وقد صحَّ عن ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما موقوفًا: (صوموا التَّاسع و العاشرَ، وخالفوا اليهودَ) رواه عبدالرَّزَّاق في مصنفه. -ومن طريقه البيهقيُّ في السُّننِ الكبرى- وسعيدُ بن منصورٍ في السُّننِ - وقدىساق إسنادَه ومتنَه ابنُ تيميَّة في اقتضاء الصِّراط المستقيم 1/284-، والطَّحاويُّ في شرح معاني الآثار، وإسناده صحيحٌ.

ومخالفةُ أهلِ الكتابِ مأمورٌ بها إمَّـا فرضًا و إمَّـا نَفْلًا، ويُستفاد منها تأكيدُ استحبابِ صيام التَّاسعِ مع العاشر.
أمَّـا كراهية الإفراد – وهو مذهب الحنفيَّة- فلا تُستفاد من المنقول ؛ لأنَّ تعظيمه وقع مشابهةً لا تشبُّهًا، والثَّاني هو متعلَّق النَّهي الوارد في أبوابه.

فصيام عاشوراءَ وحدَه مستحبُّ، وضمُّ التَّاسعِ إليه آكدُ استحبابًا.


• المرتبة الثَّانية : صيامُه وصيامُ غيرِه من أيَّام شهر المحرَّمٍ معه.

وهذه المرتبة أربعةُ أنواعٍ:

النَّوع الأوَّل: صيامُه ويومًا قبلَه.
وهو التَّاسع، وتقدَّم دليله، وأنَّه مستحبٌ استحبابًا مؤكَّدًا.

النَّوع الثَّاني : صيامُه ويومًا بعدَه.
وهو الحادي عشرَ، لحديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما مرفوعًا: (صوموا قبلَه يومًا، أو بعده يومًا) رواه أحمدُ بإسنادٍ ضعيفٍ.

قال شيخنا في الحاشية: وصحَّحه ابن خزيمةَ 3/290, وهو يُخالف صنيعه في نظيره من حديث محمَّد ابن أبي ليلى- أحدِ رواته-في موضع آخر من كتابه 4/206.

وهو إن لم يصحَّ روايةً، لكنَّ النَّظرَ يقتضيه؛
لتحقُّق المخالفةِ بصيامه لمن لم يصُمِ التَّاسعَ، فعِلَّةُ صيام التَّاسع: طلبُ مخالفة اليهود والنَّصارى، وهي موجودةٌ إن صِيمَ الحادي عشرَ بدلَهُ مع العاشر.

النَّوع الثَّالث : صيامُه ويومًا قبلَه ويومًا بعدَه، وهذا النَّوع ثلاثة أقسامٍ:

الأوَّل : صيامُ الثَّلاثة بنيَّة التَّقرُّب بها صفةً لصيام عاشوراءَ، وهي مرويَّةٌ عند البزَّار في مسنده، والبيهقيِّ في السُّنن الكبرى – واللَّفظ له- من حديث ابن عبَّاسٍ مرفوعًا: (صوموا قبلَه يومًا، و بعده يومًا) وإسناده ضعيفٌ.

الثَّاني : صيامُها احتياطًا لـيَتيقَّن موافقةَ يومِ صومِه يومَ عاشوراءَ، وهذا مستحبٌّ إن اشتبه دخولُ الشَّهر لا إن حُقِّق.

الثَّالث : صيامُها بنيَّةِ صيامِ عاشوراءَ وثلاثةِ أيامٍ من كلِّ شهرٍ، فينوي صيامَ ثلاثةِ أيَّام من الشَّهر، وذلك مستحبٌّ اتِّفاقًا، ويُدرجُ فيها صيامَ عاشوراءَ بنيَّته الخاصَّة، فيُصيبُ بصيام العاشر عملينِ ( صيامِ عاشوراءَ، وصيامَ يومٍ من الثَّلاثةِ المستحبَّة كلِّ شهرٍ)؛ لصحَّة اجتماعهما في فعلٍ واحدٍ مع نيَّتهما جميعًا.

النَّوع الرَّابع : صيامُه وصيامُ يومٍ أو أكثرَ من أيَّام شهر المحرَّمٍ، غيرِ سابِقه ولاحقِه، وفيه يكونُ صيامُ عاشوراءَ مُفرَدًا، فيرجِع إلى المرتبة الأُولى، وإن نواه من ثلاثة أيَّامٍ متفرِّقةٍ في الشَّهر أصابها، أو نواه في صيام المحرَّم أصابه.

وغايةُ المقالِ أنَّ الصِّفةَ الأتمَّ في صيام عاشوراء؛ هي صيامُه مع التَّاسع.

فطوبى لم طلب الأتمَّ، وكان شُغْلَ نفسِه الأهمَّ، وتحرَّى صيامَ اليومين كلَّ عامٍ، وأدام صومَهما بلا انفصامٍ.
ففي الصَّحيحين-واللَّفظ للبخاريِّ-عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: ما رأيتُ النَّبيَّ ﷺ يتحرَّى صيامَ يومٍ فَضَّلَهُ على غيرِهِ؛ إِلَّا هذا اليومَ: يومَ عاشوراءَ، وهذا الشَّهرَ – يعني شهرَ رمضانَ.

قال ابن رجبٍ فأحسن – وبمثلها تُعْرَف مدارك الفهم، ويُفرَّق بين الألمعيِّ والفدْم- قال: وابن عبَّاسٍ إنَّما صحب النَّبيَّ ﷺ بأخَرَة، وإنَّما عَقَل منه ﷺ من آخر أمره. انتهى كلامه.

وعن الأسودِ بن يزيدَ قال : ما رأيتُ أحدًا كانَ آمَرَ بصيامِ يوم عاشوراءَ؛ مِن عليِّ بنِ أَبي طالبٍ، وأَبي موسى رضي الله عنهما.
أخرجه الطَّيالسيُّ وابنُ أبي شيبةَ – واللَّفظ له-، وإسنادُه صحيحٌ.

ورواه ابنُ الجعدِ في مسنده – ومن طريقه البيهقيُّ في شُعب الإيمان- ولفظه: ما رأَيتُ أحدًا ممَّن كان بالكوفةِ من أصحابِ رسول الله ﷺ .

وصحَّ عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما أنَّه كان