🔥 Burn Fat Fast. Discover How! 💪

إن إدراك جماليات الأشياء من حولنا جزء من توعية أنفسنا، فبقدر م | كتاب وخاطرة ✏️ 📖

إن إدراك جماليات الأشياء من حولنا جزء من توعية أنفسنا، فبقدر ما نعلم بقدر ما نرى جمال مخلوقات الله عز وجل، فالعلاقة بين الوعي والجمال علاقة طردية وعكسية، وجزء من التعبد لله تعالى التأمل في خلقه وإبداعه وصنعه، فما يفعل جاهل في وردة سوى تحطيمها، وما يفعل غافل في ألوان سوى تسويدها، ووجود حواس خمس للإنسان يؤكد أمرًا في غاية الأهمية؛ وهو أن إدراكنا للوجود ووعينا به لا ينبغي أن ينحصر في حاسة بصرية أو سمعية فقط، فتنحصر بذلك جماليات أخرى، فإن تنوع الآليات الإدراكية يوجب - من الناحية الدينية كما قال تعالى:
(قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآَخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (العنكبوت: 20)- القدرة على توسيع مدارك الوعي، فإن حصر الوعي في حاسة واحدة يوجد قصورًا في الفهم وضمورًا في تهذيب النفس. وكذلك نقول في عملية التذوق الجمالي، فإنها نتاج وعينا، فإذا قصر الوعي قصر الذوق الإنساني !

يربط كثير من الناس بين الجميل واللذة؛ فكل ما ينتج لذة فهو جميل حسب رؤيته القاصرة، غير أن بينهما فرقًا جوهريًا يكمن في أن اللذة رغبة ذرائعية استغلالية بخلاف ملكة الذوق الجمالي فإنها خالية من الذرائعية والاستغلالية، فكما يحلو لفيلسوف التنوير أن يقول "الجوع أحسن طباخ!"، فالفقير معرفيًا فقير جماليًا، فإذا أراد الإنسان تحسين الملكة الذوقية الخاصة به فإن ذلك يستلزم أمورًا منها
(1)؛ التخلي عن الذرائعية في إدراك الجمال؛ فليس كل ما نشتهيه جميل، وليس كل نبتغيه جميل.
كذلك(2) إدراك أن تجليات الجمال قاصرة، فلا وجود لجمال مطلق كما لا وجود لقبح مطلق، ومن ثم فإن رؤيتنا للجمال تختلط بضده فتتمايز عنه، وبذلك تكون رؤية تكاملية
(3) التجمل الذاتي؛ فإن من لا يلامس الجمال ويعايشه لا يستطيع تبينه ورؤيته.

 
(الوعي والجمال، سلطان البنوي)