بعيداً في مَنفاك.. تتذكّر كلّما شاهدتَ دوراً صغيراً طوابير الحُزن التي تقطعُ الشوارعَ والبيوت. وكلّما مررت من أمامِ مخبزٍ تشمُّ رائحةَ يدِ أمّكِ وهي تسحَبُ -من النار- لكَ الرغيف.
بعيداً في منفاك.. تسلّم على صناديق البريد وعواميد الإنارة وعلى الطريق، كما علّمك أبوك تُفشي السلامَ على الغريب.
بعيداً في منفاك.. تواعدُ امرأةً أجنبيّة لاتحفظ اسمها تُناديها باسم امرأةٍ من بلادك وتخدَعُها بأنّ معنى ذلك أنّك تُحبّها فتبتسم وكلّما قبّلتك أحسست بطعم شفاه المرأة التي قبّلتك لأوّلِ مرّة وتركتها وراءكَ في بلادك البعيدة.
بعيداً في منفاك لا تحنُّ إلى وجعٍ ولا تخافُ من أن تموتَ بذكرى تحملُ كلّ شيءٍ معك في البلاد البعيدة.
