Get Mystery Box with random crypto!

سبع رسائل قصيرة عن النقرس أولاً: إنه (النِقرِس) بكسر النون وا | Future Doctors

سبع رسائل قصيرة عن النقرس

أولاً: إنه (النِقرِس) بكسر النون والراء وينتهي بالسين وليس بالصاد (النقرص) كما أسمعها دائمآ، ومثل ذلك البرد القارس وليس القارص. ولفظة النِقرِس بلسان العرب لها معان عدة منها انها اسم للداء الذي يصيب الرِجل وكذلك فإنها تعني الداهية ومنها قولهم (طبيبٌ نِقرسٌ أو نِقريسٌ)، وتعني الهلاك أيضا. ولقد ذُكِر في أقدم معاجم العربية ألا وهو كتاب العين للفراهيدي في القرن الثامن الميلادي. تحية لمن قيل عنه أذكى العرب، الفراهيدي.

ثانياً: يقال لداء النقرِسِ في الطب: gout، وهذه اللفظة متأتية من اللاتينية gutta وتعني: قطرة السائل أو النقطة، أطلقها على هذا المرض الطبيب راندولفس Randolphus في حدود ١٢٠٠م، ظنا منه ان المرض ينجم من نزول قطرة سامة من الدم الى المفصل او ما حوله، وظنه هذا قريب من العلم الحديث. أما العوام في الغرب فقد ظنوا أن هذا المرض سببه عضّة من روح خبيث أو شيطان، كما يظن العوام لدينا أن بعض الأمراض من الشيطان. ويقال للقطرة بالفرنسية gouttelette, وهناك نوع من انواع داء الصدفية يقال له المنقط (guttate psoriasis)، وفيه استخدمت ذات اللفظة gutta لوصفه.
ولقد سمعت الإخوان المصريين في التلفاز يذكرون (داء النقطة)، وتقول إحداهن لابنها: يا واد ما تنقطنيش!! أو جاتك (جاءتك) نقطة، ولا أظنهم الا انهم يقصدون هذا المرض فلقد ترجمه الأطباء لديهم حرفياٍ (داء النقطة). ولقد ذكره المصريون قديما في بردياتهم.

ثالثا: ينجم داء النقرس من زيادة حامض البول في الدم، وهذا الحامض اذا ما ترسب في المجاري البولية سبب الرمال البولية وحصى الكُلى واعتلال النبيبات الكلوية، أما إذا ترسب في المفاصل فإنه يسبب داء النقرس.

رابعا: داء النِقرس، على نوعين: حادٌّ ومزمن. والحاد منه يصيب مفصلا مفردا ومعظمه يكون في مفصل السلامية الأولى عند التقائها بالإصبع الكبير في القدم، وهو مؤلم جدا وقاس، حتى قيل أن النقرس (داء يُبكي الفلاسفة). أما المزمن منه فيصيب مفاصل عدة ويشوهها وتظهر جراءه ترسبات حصوية الشكل حول المفاصل او في صيوان الأذن (كما في الصور المرفقة).

خامسا: حامض البول، هذا الذي يترسب في المفاصل أو الكُلى، موجود في دم كل إنسان، لكنه لا يسبب المرض إلا إذا زاد في تركيزه، وهذه الزيادة تتأتى إما من سبب وراثي، أو من كثرة تناول اللحوم وأخطرها لحوم الأعضاء كالكبِد والكُلى والقلب، وهو يزداد مع السمنة ازديادا فاحشا، خصوصا مع سمنة البطن، لذا، إن كنت باحثا، وأردت ان تجد لك عينةً تدرس فيها حامض البول في الدم فاقصد مطاعم الكباب والباجة والقلية وفتش هناك عن اصحاب الكروش وستجد ضالتك البحثية، أو فخذ مجموعة من الملوك الأباطرة فهذا المرض كان يعرف قديما بداء الملوك.

سادسا: علاج النقرس لا ينجع إلا بالأدوية أولا وبالحمية ثانيا، والحمية في هذا الداء يجب ان تكون معتدلة وترمي إلى تقليل، وليس منع، تناول اللحوم وخصوصا لحوم الأعضاء التي ذكرناها، وتناول الطعام الصحي الذي عماده الخضار والفاكهة وزيت الزيتون باعتدال، وطحين الحبة الكاملة(بنخالتها) والإقلال من تناول الاطعمة والأشربة التي يكثر فيها سكر الفركتوز كسكر المائدة وسكر الذرة وعصائر الفاكهة، وتناول الماء بوفرة دون تكلف وخصوصا في الصيف حيث يوصون المصابين بحصى الكلى ان يتناولوا ثلاثة التار من الماء يوميا. ولقد ذكروا ان القهوة باعتدال تفيد في تقليل نسبة حامض البول في الدم، ومثلها فيتامن سي الذي في الخضار والفاكهة. وما أنسَ لا أنسَ تقليل وزن الجسم والخلاص من الشحم المتراكم، سيد الأذى في الجسم البشري.

سابعا: ما كتبت منشوري هذا إلا بعد أن رأيت أحد الأساتذة الفضلاء وقد هزل وصار به فقر دم شديد جراء امتناعه الكامل عن تناول اللحوم لثلاثة اشهر متتابعة خوفا من النقرس، أهكذا تكون النصيحة والحِمية من النِقرِس يا من أعنيهم؟

ملاحظة: حب تناول الطعام الشديد تقول عنه العرب: النَّهَم، وحب تناول اللحوم المسرف تدعوه العرب: القَرَم.

تحيتي وحذار من النهم والقرم وإلا فالسّأم.

الكاتب : د. نبيل نجيب فاضل.