2022-06-28 08:48:25
اجلس شاردًا في التفكير في ركن غرفة أوتيل سانتافيلچو بالإسكندرية المطل على شاطئ ميامي بك حيث قمت بدفن أمي في هذا الركن من عامين بعد إحتساء مشروب أعشاب السليمانيلا التي نصحني بها الحكيمباشي سانتي بإحتساءه يوميا وتدوين كل يومياتي دون ملل عن أي أمور غريبه تفيده في العلاج وأخبرني أيضا بأن هذه الأعشاب ستكون عاملاً رئيسياً لإيقاف الصراخ في أذني وإسكان تلاعب الثعابين القرنية داخل شرايني لتتوقف عن نهش قلبي والزحف فوق بلازمة دمائي الساكنة في إحدى ليالي الشتاء الهائجة من منتصف الشهور العربية مع إكتمال القمر صرخات القمر تخترق أذني بشكل غليظ أنظر إليه في شفقه أعجز عن أخذ أعشابي اليوم سامحني عزيزي الحكيمباشي لن أدون يومياتي اليوم سبقتني الثعابين وصرخات القمر تملكة من جسدي لاني لم أشرب أعشاب السليمانيلا أصوات قبائل النمل أسمعها وكأنها تحدثني أسمع أحاديث القوم وكأنهم داخل راسي صرخات لا تداويها كتمان أذني بعملة العشرة قرش حتى أعذرني لن أقاوم فأنا لست المتحكم الآن لا أدري لعل ليلة قتلي لأمي ستتكرر الآن أو غداً من يدري....!
ليلة ميلاد المسخ السابع من إبريل عام 1954..
القمر مكتمل يُصدر صريره المعتاد من كل عام السماء تمطر زئبقها الأحمر السام تبدأ محادثات البوم ينقلب النهار ليلًا كليالي صحراء كولومبيا الظلام الدامس يداعبه اللون الأحمر نتيجة لقمر ليلة المسخ أحاديث الأطفال في بطون إمهاتهم تبدوا واضحة الآن....
أنزل وحيدًا من بين كل الناس في هذه الليلة الجميع يختبئون وكأن موسم الكوليرا يعود أدراجه ينبذني سكان الاوتيل بألفاظ تخترق أذني "ملبوس" "شيطانه راكبه" "متجوز واحده من الجن" "دا أهله عفاريت" ثم تقول إحداهن دا "عفريتة أمه عايشه معاه" مؤكدة على حديثها بقول دانا سمعته بيكلمها من يومين ليعلق عليها أخر وهو يتجه بعينه إلى القمر قائلا "أمه اللي ماتت" من سنتين لتؤكد عليه الاخره مجيبة "نعم" ثم يقول كلماته الاخيره التي تخترق أذني قبل خروجي من باب الاوتيل أخذا معي أنظار الجميع في إستغراب تام يصاحبه الاستعاذه لبعض منهم والاخرين يرددون طلاسم قبطية مع رسم السيدة ساندوزا الإيطالية صاحبة الاوتيل للصليب على جسدها و قول السيد سامي البكباشا التركي لبعض الطلاسم من اليهودية كلمة "مخبول"...
أخذ هذه الكلمة وأخرج أخيرا للقاء المسخ الذي ألتقيت به من عامين عند قتل أمي والذي أخبرني في العام الماضي أنه قدومه هذه المره سيكون معه مهمة لي ستجعلني خليفة المسخ سأحظى أخيرا بثمن قتل أمي ستكون العقارب السوداء السامه و خنافس الحفار القاتلة تحت قيادتي سأتحكم بأرض ميامي بك أخيرا سيكون النهار لهم واليل ملك لي وحدي....
أمشي وحدي على الشاطيء أمطار الزئبق الأحمر تتساقط علي أحدايث البوم العابسة تردد في أذني ما كان يقوله جيراني في الاوتيل وأنا لا أرى سوى القمر أقترب إليه لأصل إلى المسخ أخيرا هيئته المُفزعه كأول مره لم تفشل في إدخال الخوف قلبي رغم إعتياد الأمر على ما أظن، عامين تجعل الطفل يحبي كيف لي بكل هذا الخوف جسده الأسود العاري إحدى ذراعيه الخارج من أعلى رقبته تجعله أشد قسوة أعتقد أن أظافره طالت قليلا أو أن عقلي يصور لي أمور تدعوا سبب خوفي لأ أكثر فمه المتحرك في بطنه يجعله غريب هذه المره لم أراه يتحدث كنت أعتقد أنها أحدى فتحات أنفه ولكن لا يهم صوته العابث والخشن للغاية أصمت البوم أخيرا وأنهى صرخات الأمواج المتألمة عندما تصتدم بصخور قائلا لي ستقتل أهل ميامي بك جميعهم لتكفر عن ذنبك لقد أخبرتك أن لا تخبر أحدًا عني وقد أخبرت طبيبك الحكيمباشي سانتي رغم كونه لم يصدقك وأعطاك ما يُبطل عبادي الذين يعيشون في جسدك من الثعابين وأسكت أصوات أبنائي التي كانت تصيح في أذنك ولم يصدق ما قلته لذلك ستقتل الجميع الآن تكفيرًا عن ذنبك وأولهم الحكيمباشي ومن ثم تركني مبتسمًا...
لأستيقظ من نومي أجد في يدِ سكينا ملطخا بدماء سجادة من الطراز اليوناني عليها بقع من الدماء لن يخرجها بعض من الصابون الفرنساوي الأصلي حتى قفل غرفتي مغلق وكلبي دهب يأكل في جثة الحكيمباشي في سرور.
تُتبع..
#الكاتب_ميم
317 views05:48
K
