لا أستطيع فهم معنى أن ينسى المرء شخصًا أحَبَّه، أن يختفي ببسا | Un monde différent💛✨
لا أستطيع فهم معنى أن ينسى المرء شخصًا أحَبَّه، أن يختفي ببساطة وجوده الكثيف داخل الروح، وأن يتحول إلى غريب تمامًا، أشعر أنّ سجية روحي في المحبة لا تسمح بانقطاعٍ من هذا النوع، وتفزع حين تراه عند الآخرين.
أعلم أنهم كلهم موجودون بالداخل، من مختلف فتراتي العمرية، وبنفس بكارة محبتهم الأولى، كلهم هناك، خامدون متجوهرون في الروح، لا أكثرَ من سماع صوتهم حتى يتجلّوا أمام جبل الشوق فيجعلونه دكًّا، لا أكثر من أراهم حتى تعتريني رغبة في البكاء المرير على المسافات، ذات الثقة التي أوكلتُها إليهم، ذات السكينة والأمان، وذات المعرفة بهم، لا بأخبارهم، بل معرفة الروح للروح.
أصدقائي من سنوات الطفولة الأولى التي انقطعتُ عنهم طويلًا، إيلاف فتاة الروضة التي مسحت على شعري حينما رأتني أبكي، زملاء مرحلة الأساس والثانوية، وكلّ من تجرّعنا سويًّا من مأساة الحياة، وكل من زرعَتْ وردةً في قلبي، ليس أكثر من أتذكرهم فأُوعَك من فرط الشوق والمحبة والفرح.
أنا لم أتجاوز أحدًا في حياتي، ولا أودّ أن أتجاوز أيّ، وحتى لو وددتُ أن أتجاوز فإنّ الله عز وجل قد خلق لي روحًا أليفة تحتفظ بعزم بكل من أحببتُهم بلا منفذ للخروج، تشدّهم إليّ بشعوري بالامتنان لكونهم شكّلوا تجاربي في الحياة، واستيعابي لمعناها، يصبح النسيان هنا خطيئة نذلة.
بالطبع فإني في معظم وقتي لا أتذكرهم كلهم، بل يفرض الواقع شروطه على حواس وذاكرة المرء ويستهلكها في أداء المهام اليومية، ولكن يحدث أن تستمع إلى نغمة عود أو ترى سحابة ذات لون فريد أو تشمّ رائحة غريبة؛ فيوقد فيك ذلك ذكرى أحدهم فتجده يندفع بكل عنفوان في حواسك وأعصابك وشعورك، إنه موجود جدا.
بالطبع لا أدّعي السموّ الأخلاقي حينما أصف هذه السجية التي طبع الله عليها نفسي، وأدري أنّ لها مثالب ليست بالهينة يصيبني منها ما يصيبني، ولكن إذ أن هذه روحي -وبداهةً ليست لي روح سواها- فإنني متقبل ومُحبّ لهذا الحضور الكثيف لتاريخي العاطفي في روحي، بكل ثقله وصعوبته.
رَعَى اللهُ الأحِبَّةَ حيثُ حَلّوا لهم في القلب مُرتَحَل وحِلُّ
