Get Mystery Box with random crypto!

#تحمل_المسؤولية_والاستقلالية_أهم_مؤشرات_الولائية | (المحاضرة1) | علي‌رضا بناهیان

#تحمل_المسؤولية_والاستقلالية_أهم_مؤشرات_الولائية | (المحاضرة1) القسم الثالث

أهم عنصر من عناصر عزة المرء هو استقلاله
يملك البعض الكثير لكن غياب الاستقلال عنه يجعله لا يستمتع بما يملك
للاستقلال معنى أشمل من الحرية/ "حرية" الإنسان هي جزء من استقلاله


العزة مسألة مهمة للغاية، وإن عزة المجتمع الإسلامي لأمر في منتهى الأهمية، بل عزة المؤمن الواحد أمر جِدُّ مهم. على أنه لا ينبغي الخلط بين العزة والتكبّر؛ فقد يتحتم على المرء التنازل أمام المؤمنين والصفح عنهم، أما في مقابل الأعداء الأجانب فإن العزة مهمة جدًّا. فلا تعجبوا أبدًا إذا فَنِيت أُمةٌ لأنها لم تحفظ عزتَها أمام عدوها بسبب [سوء تصرّفِ] ساسَتها فإن الله يفني هذه الأمة قائلًا لها: "لماذا لم تصوني عزتك؟! ما الذي بقي لك عندي؟!"

من ناحية أخرى لا يجوز للمرء أن يدوس على أمر الله تعالى في سبيل صون عزته لأنه، في هذه الحالة، سيُذَل. فمن الممكن أن تُكتسب العزة عن طريق صائبة أو طريق خاطئة. أين هو أهم مَكمَن لعزة الإنسان؟ أهو ممتلاكته؟ كلا. أهو قدراته؟ كلا. أهو مهاراته التي اكتسبها؟ كلا. أهو كفاءاته العلمية؟ كلا. ما الذي يوَلِّد للإنسان العزة؟ ممتلكات الإنسان وكفاءاته وقدراته وجماله وما إلى ذلك بمقدورها جميعًا أن تجعل للإنسان عزة؛ سواء أكانت عزة حقيقية أم زائفة، مؤقتة زائلة أم دائمة باقية، عميقة أم سطحية، ..إلخ، فلا شأن لنا بهذا. سؤالنا هو: ما هي أهم عناصر عزة الإنسان؟ أهم هذه العناصر لا هي ممتلكاته ولا قدراته، بل استقلاله. لاحظوا أن معظم إمكانياتنا التي نفخر بها تملكها الحيوانات أيضًا، بل وتملك أفضل منها أحيانًا، لكن الحيوانَ حيوان في النهاية ولو أطلقتَ اسمَه على شخص ما تكون كمَن شتمَه.

فإن للحمار مثلًا القدرة على حفظ الطريق إذا سار فيه مرة وباستطاعته أن يعود فيه من دون أن يتيه مهما كان هذا الطريق مُعقَّدًا، وكأنّ ضربًا من "الجي بي أس" أو نظام تحديد المسار مُودَع في دماغه! لكن بما أنه لا استقلالية للحمار فلا قيمة لهذه المهارة فيه، وهي لا تمنحه العزة؛ إنه حيوان ولا يملك نفسَه، كما أنه لم يكتسب هذه المهارة بنفسه.

یملك بعض الناس الكثير من الإمكانيات والكفاءات لكن غياب الاستقلالية عنه يجعله لا يستمتع بما يملك. أجل، قد يشجعه بضعة أشخاص، ويصفقون له أحيانًا فتجتاحه بعض السعادة، لكن ما إن ينتابه هذا الإحساس بضع مرات حتى يخبو بريقُه ويختفي. فالاستقلال أمر مهم للغاية، والإنسان كائن طالب للعزة، وإن مَكمَن العزة الأساسي هو "الاستقلال"؛ وهو أن يكون "هو"، فلا يرغّبه أحد في فعل شيء أو يدفعه إليه دفعًا، ولا يكون تبَعًا لأحد، ولا متطفّلًا على أحد، ولا يخشى أحدًا. ولقد أطلقوا على قسم من هذا الاستقلال لفظة "الحرية". أتلاحظون كم أن الحرية مهمة للبشر؟ وكم أن لفظة العبودية والرق بذيئة وتمثّل حالة سيئة للإنسان؟

ثم إن "الحرية" تصوِّر جزءًا من استقلال الإنسان فقط، وإن للاستقلال معنًى أشمل من الحرية. فـ"الاستقلالية في الاختيار" أو "الاستقلالية في الإرادة (لإنجاز عمل ما)" يسمّونها "حرية"، بل وفيما يرتبط بالمجتمع. الاستقلالية هي في غاية الأهمية للإنسان. على أنهم يُمَنُّون الناس بمفهوم "الحرية" أيما تَمنِية ويكررونه على الأسماع، لكن الحرية هي أحد جوانب الاستقلال، وفي العادة نحن لا نتحدث كثيرًا في عالَمنا هذا عن الاستقلال كله؛ إذ لو استقل الناس لأصبحوا – بطبيعة الحال – شوكةً في عيون طواغيت الأرض.

لماذا يقول الله تعالى للعبد إذا جاءه الأخير بحَسَنة: "إن كانت خالصة لوجهي قَبِلتُها وإن لم تكن خالصة لا أقبَلُها"؟ أمرٌ لافت جدًّا؛ لأن الحسَنة بلا استقلالية لا تُجدي نفعًا. إذ سيقول له: لمَن فعلتَ هذه الحسَنة؟ إذن الإخلاص هو الآخر يعني "الاستقلال"؛ يعني: إلهي، لك وحدك لا لسواك. فأن تكونَ "مستقلًا" عن الآخرين حقًّا فهو الإخلاص بعينه. على سبيل المثال: إن أتيتَ بفعل طمعًا في شيء أو مرضاةً للآخرين فإنك لا تعود مستقلًا، بل تكون تبَعًا؛ تبَعًا لأيما شيء، أو أيما أحد!

يقول أمير المؤمنين(ع) في ما روي عنه: «الإِخلاصُ غايَةُ الدِّين» (غرر الحكم/ ص44)؛ أو بتعبير آخر، وبلغتنا المعاصرة: "غاية الدين هي الاستقلال عما سوى الله"، وبالمعنى الإنساني للكلمة: إنه الاستقلال بعينه.

موضوع بحثنا في هذه الليالي لا يتناول الاستقلال، بل نود التحدث عن إحدى ركائز الاستقلال وواحدة من المواطن التي يمكننا التمرّس فيها عليه. على أننا قد نضطر في الليالي القادمة للتحدث عن الاستقلالية من جديد.


سماحة الشيخ بناهيان
طهران ــ كلية الإمام علي(ع) الحربية ــ موكب "ميثاق با شهدا" (العهد مع الشهداء)
29/ ذو الحجة/1443
اقرأ النص الكامل هنا:
arabic.bayanmanavi.ir/post/1566

@PanahianAR