🔥 Burn Fat Fast. Discover How! 💪

#تحمل_المسؤولية_والاستقلالية_أهم_مؤشرات_الولائية | (المحاضرة1) | علي‌رضا بناهیان

#تحمل_المسؤولية_والاستقلالية_أهم_مؤشرات_الولائية | (المحاضرة1) القسم الرابع

ينَظّر البعضُ للتبعية والضعف، الضعف الذي يبدد استقلالية صاحبه
هل يحظى "الاستقلال" بهذه الأهمية في الآيات القرآنية أيضًا؟
لقد جعل الله "اجتناب الطاغوت" مقدَّمًا على الإنابة إليه


العزة مسألة مهمة للغاية، وإن عزة المجتمع الإسلامي لأمر في منتهى الأهمية، بل عزة المؤمن الواحد أمر جِدُّ مهم. على أنه لا ينبغي الخلط بين العزة والتكبّر؛ فقد يتحتم على المرء التنازل أمام المؤمنين والصفح عنهم، أما في مقابل الأعداء الأجانب فإن العزة مهمة جدًّا. فلا تعجبوا أبدًا إذا فَنِيت أُمةٌ لأنها لم تحفظ عزتَها أمام عدوها بسبب [سوء تصرّفِ] ساسَتها فإن الله يفني هذه الأمة قائلًا لها: "لماذا لم تصوني عزتك؟! ما الذي بقي لك عندي؟!"

"الاستقلال، الحرية، الجمهورية الإسلامية" الذي أصبح شعارَ بلدِنا هو شعار يَنُمّ عن فطنة وحكمة في آنٍ معًا؛ فهو ينُمّ عن حكمة لأنه يمكن تأليف مئة كتاب في شرحه، وينم عن فطنة لأنه جعل الاستقلال في الصدارة، بل وقبل الحرية. إذ من الممكن أن يزودوك ببعض درجات الحرية ويسلبوك استقلالك في الوقت ذاته، فاحذر أن يستغفلوك ويخدعوك! فالاستقلال هو المهم بالدرجة الأولى، ومن ثم تأتي الحرية مَظهرًا من مظاهر هذا الاستقلال. فلقد جرى التقليد في عالمنا المعاصر أن يتم التأكيد على الحرية من دون أن يشار إلى أن هذه الحرية موجودة في الاستقلالية أيضًا.

لا بد للإنسان أن يكون كائنًا مستقلًا، ويتحتم على الآباء والأمهات الموّقرين أن يُنشئوا أبناءهم مستقلين. فالبلد الذي يصبو إلى الاستقلال لا بد أن يكون أبناؤه جميعًا مستقلين، وأن لا يكونوا تبعًا. البعض يُنَظّر للتبعية والضعف، الضعف الذي يبدد استقلال صاحبه؛ فيَنحو مثلًا – تحت عناوين شتّى – منحى المصالَحة والتسوية بذريعة: "فلنتنازل عن بعض استقلالنا عَلّنا ننال الرفاهية، عَلّنا نتطور اقتصاديًّا، بل وعلميًا أيضًا!" وهو لا يدري أن الذي يفرط باستقلاليته لن يدعه الله تعالى يتطور أو ينال مآربه الأخرى؛ لا سيما المؤمنين، إذ يتوقع ربهم منهم المزيد من الاستقلالية.

إذا كان الاستقلال بهذه الأهمية فلا بد أن تكون أهميته ملموسة في الآيات القرآنية أيضًا. أيما امرئ قال لك: "هذا أمرٌ مهم جدًا" قل له: "أرني أهميته في القرآن الكريم لأرى صحة مُدّعاك". فإن كان ثمة أمر مهم فلا بد أن يكون القرآن الكريم قد اهتم به بالغ الأهمية، ولقد اهتم القرآن كل الأهمية بموضوع الاستقلالية، بل لقد جاء ذكر الاستقلالية في كتاب الله أحيانًا قبل الإيمان بالله وعبادته، وبشكل لافت جدًا؛ نحو قوله تعالى: «وَلَقَدْ بَعَثْنا في كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوت» (النحل/ الآية36)؛ واجتناب الطاغوت يعني: احفظ استقلالك ولا تكن عبد أحد!

فقول أمير المؤمنين(ع) في ما روي عنه: «وَلا تَكُن عَبدَ غَيرِكَ وَقَد جَعَلَكَ اللهُ‏ حُرًّا» (تحف العقول/ ص77) يشير إلى هذا الاستقلال بعينه. وكما مر ذكره فإن الحرية هي مظهرٌ لهذا الاستقلال وتعبير عنه أيضًا.

والطاغوت هو الذي يطغى ويتجاوز حده ويريد سلبك كل شيء؛ يعني: الذي يتجبر عليك ويحاول – بشكل من الأشكال – أن يجردك من استقلاليتك.

وأشيرُ هنا إلى مثالين من القرآن الكريم يجعل الله تعالى فيهما "اجتناب الطاغوت" مقدَّمًا حتى على الإنابة والرجوع إليه هو؛ أحدهما قوله تعالى: «وَالَّذينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها وَأَنابُوا إِلَى اللهِ لَهُمُ الْبُشْرى‏ فَبَشِّرْ عِباد» (الزمر/ الآية17)؛ أي: الذين اجتنبوا الطاغوت ولم يعبدوه، ثم قال: «وأنابوا إلى الله» أي إنه ذكر الرجوع إلى الله بعد اجتناب الطاغوت.

وفي موضع آخر، وهي الآية الثانية من آية الكرسي، تراه أيضًا قدّم اجتناب الطاغوت، والذي عبّر عنه "بالكفر به" فقال تعالى: «لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَد استَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى» (البقرة/ الآية256)؛ والكفر بالطاغوت هنا هو الاستقلال نفسه، وإنّ مَن يكفر به يكون قد تمسك بالعروة الوثقى.


سماحة الشيخ بناهيان
طهران ــ كلية الإمام علي(ع) الحربية ــ موكب "ميثاق با شهدا" (العهد مع الشهداء)
29/ ذو الحجة/1443
اقرأ النص الكامل هنا:
arabic.bayanmanavi.ir/post/1566

@PanahianAR