Get Mystery Box with random crypto!

#تحمل_المسؤولية_والاستقلالية_أهم_مؤشرات_الولائية | (المحاضرة2) | علي‌رضا بناهیان

#تحمل_المسؤولية_والاستقلالية_أهم_مؤشرات_الولائية | (المحاضرة2) القسم الثامن

لا يريد الله أن يَصلُح أحدٌ متأثّرًا بالجَوّ العامّ من دون أن يكون مستقلًّا


والآن، ألا يمكن أن تقعَ في أَسْر شخصٍ صالح، أو أن يَعمَد شخص – مثلًا – إلى الاحتيال عليك فيجتذبك إلى المسجد؟ بلى يمكن، لكنّ الله تعالى "سيُنقذك" من قبضته! كأنْ يُوَرّطك بعمل مُحَرَّم صارخ فتَضِلّ عن سبيله.. كُن مطمئنّ البال! ألا يمكن أن يجتذب الأصدقاءُ الصالحون ولَدي إلى المسجد؟ بلى يمكن، لكنه سيهرب من الباب الآخر للمسجد! كأن يرتكب فجأةً خيانةً ما! ولقد شاهدنا من هذا الكثير في أيام الشباب.

كانت الصداقات المدرسيّة تستقطب جماعة إلى المسجد، وكانت الأجواء أجواء حرب، إلّا أنّ بعض هؤلاء لم يكونوا من هذا الصنف، بل كانوا ينجذبون تأثُّرًا بالجوّ العام، ثمّ كان الله تعالى يلتقطهم من بين الباقين وينبذبهم خارجًا بطريقة عجيبة، فكانوا يتحوّلون إلى مجرمين خبثاء! كانوا يُجتذَبون تأخذهم حماسة الجوّ العام، كحال بعض السياسيّين مِمّن ترَون؛ فمن الواضح جدًّا، إذا تصفّحتَ ماضيهم، أنّهم انخرطوا في السلك الثوريّ متأثِّرين بالأجواء النفسيّة المُهَيمِنة للثورة، هكذا أصبحوا ثوريّين، بل كانوا يضربون ويَنقَضّون بثورية أشد وحِدّة أعلى من الباقين، أما الآن فلا يَقبَلون الثورة قَيدَ أنمُلة.

إذن الصالحون مستقلّون، لكن كيف هم الطالحون؟ يقول ربّ العزّة في آية شريفة أخرى: «وَبَرَزُوا لِلهِ جَميعًا فَقالَ الضُّعَفاءُ لِلَّذينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذابِ اللهِ مِنْ شَيْء» (إبراهيم/ الآية21)؛ يقول المستضعفون يوم القيامة للمستكبرين: لقد كنّا تابعين مطيعين لكم أيّها الظَلَمة، فهل يمكنكم الآن أن تمنعوا العذاب عنّا؟...

ليتنا علَّمْنا الأطفال دروسًا في الاستقلاليّة بدلًا من درس الدين، وبيّنّاه للناس – الذين يعرفون فطريًّا لذّة هذه الاستقلاليّة – من جهة علم النفس والأنثروبولوجيا باللجوء إلى أحاسيسهم هم، ومن ثَمّ نقول لهم: "حسَنٌ، الذي بمقدوره مساعدتك على صون هذه الاستقلاليّة هو الله ومنهاجُه، أيّ الدين نفسه".

رؤيتك الكثيرين وهم يصبحون متديّنين مع الإمام الحسين(ع) في شهر محرم إنّما يرجع إلى أنّه(ع) يأخذنا نحو أصل الدين. فحين تلطم الصدر وتهتف: "يا حسين، لقد استشهدتَ من أجل عزّتك، ولكي لا تُذَلّ، وإنّي أقَدّر منك هذا الموقف" فهذه دعوة إلى العزّة، إلى الاستقلاليّة، إلى أن تعثر على استقلاليّتك، فلا تعود - من ثَمّ - إلى المعاصي، ثمّة صِلَة قويّة بين الأمرين، فإنّك هنا لا تتأثّر بهذا أو ذاك.

يصنع الإمام الحسين(ع) ما يجعلك تقف وسط موكب اللطم وتهتف بهتافات دينيّة، يصنع ما يجعلك أنت نفسك، الذي كنتَ لا تصلّي في المدرسة أو في محلّ العمل خشية أن يسخروا منك، ترتدي القميص الأسود وتنادي "يا حسين"، وليهزأ مَن يريد أن يهزأ، ليخسأ! ماذا حصل فحظيتَ بكلّ هذه العزّة والاستقلاليّة بمجرّد دنُوّك من الإمام الحسين(ع)؟ إنّها الروح الحسينيّة التي دَبَّت فيك، وهذا بالذات هو أساس الدين، فما هو الدين يا ترى؟ هذا هو أساسه.

وفي آية قرآنيّة أخرى يتحدّث الله عزّ وجلّ عن عدم استقلاليّة السيّئين فيقول: «وَقالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبيلا» (الأحزاب/ الآية67)؛ مثلًا أطعنا آباءنا... وفي موضع آخر ينقل عن الطالحين قولهم: "هذه هي ثقافتنا، إنّنا متأثّرون بثقافتنا، ثقافة آبائنا وأجدادنا: «قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا» (لقمان/ الآية21)؛ فكأنّ الله يخاطبهم بالقول: "أيّ تفاهة هذه؟! أفتريدون سلوك الطريق نفسه إذا كانوا هم قد سلكوا الطريق الخطأ؟!".


سماحة الشيخ بناهيان
طهران ــ كلية الإمام علي(ع) الحربية ــ موكب "ميثاق با شهدا" (العهد مع الشهداء)
01/ محرم/1443
اقرأ النص الكامل هنا:
arabic.bayanmanavi.ir/post/1597

المحاضرة 1

@PanahianAR