🔥 Burn Fat Fast. Discover How! 💪

#تاريخ_البعثة_وعصر_الظهور | الفصل الثاني ــ (المحاضرة1) القسم | علي‌رضا بناهیان

#تاريخ_البعثة_وعصر_الظهور | الفصل الثاني ــ (المحاضرة1) القسم الرابع

أي مفهوم يتبادر إلى أذهان الناس إذا سمعوا بـ «الإمامة»؟
لقد نسخ النبي الأكرم(ص) العلاقات الاجتماعية، ثم استبدل بها علاقات أخرى/ إنه(ص) شكّل حياة ملؤها المواساة بشكل رهيب، بحيث نحن الآن لا نستيطع أن نفكر بها أصلا!


لقد استنكف الناس في عصر الرسول(ص) من مواكبة الدين في هذه المرحلة. لقد انكسر غرورهم وتواضعوا للرسول(ص)، ولكن لم يستعدّوا لتطوير عقلهم، فقد تجمدوا على النقل ولم يستخدموا العقل، وبعضهم قد حرّف النقل أيضا، فضلّوا الطريق. جاء رجل إلى أحد الخلفاء وسأله عن معنى إحدى آيات القرآن. وإذا المسكين يُعتَقَل ويُعَذّب أشهر بسبب سؤاله. وقد قدّم الرجل اعتذاره مرارا، والتمسهم على أن يطلقوا سراحه. كل ذلك بسبب استفساره عن مغزى آية من القرآن!

ما الذي سيحدث في عصر ظهور الإمام الحجة أرواحنا له الفداء؟ سيمسح الإمام على روس الأنام فتنضج عقولهم. ولن يكون ذلك بالإعجاز فحسب! بل ينم ذلك عن استعداد الناس للتفكر ومباشرة الحياة والدين بتعقّل. اسألوا الناس إذا ما سمعوا بكلمة الإمامة والإمام المهدي(عج)، أفهل يتبادر إلى أذهانهم شيء غير طاعة الإمام صاحب الزمان(عج)؟ سيجيب معظمهم بالنفي، إذ هكذا علمونا. طبعا لا يخلو الأمر من الطاعة، ولكن شأن الطاعة هنا تشبه ما إذا أعطى مدّرب بعض الأوامر العامّة للاعب كرة القدم، ليتفنن وفقها في الساحة بحسب رأيه وتشخيصه. إنه يجب على اللاعبين أن يبدعوا بأنفسهم في الساحة ويرتبط بعضهم ببعض.

في خضم أحداث المبعث النبوي نجد الناس توقفوا في مرحلة التعقل، واستنكفوا عن التفكير الكثير. كانوا يطالبون الرسول بالتصريح الواضح الذي لا يتحمل التفسير والتأويل! في حين ما كان من المقرّر ذلك! لقد أبى رسول الله(ص) من التصريح في كثير من الأحيان مما أدى إلى أن يتهموه بالبساطة والسذاجة؛ (وَ یَقُولُونَ هُوَ أُذُن‏) [التوبة/61]. وكذلك أمير المؤمنين(ع) فقد سلك هذا النهج نفسه لكي يتفكر الناس ويشخّصوا الحقائق بأنفسهم، ولكنهم اتهموه بالجهل في القضايا السياسية، وطعنوا في إدارته للبلد. وقالوا: لا نريد خليفة مثل هذا.

وما كانت المرحلة الثالثة؟ لقد نسخ النبي الأكرم(ص) العلاقات الاجتماعية، ثم استبدل بها علاقات أخرى، ولكنّها ما انسجم معها القوم. في طبيعة تلك العلاقات السابقة، من الذي كان يطيعه الناس؟ ومن الذي كان يتبعه الناس؟ رئيس القبيلة مثلا! أما الدين فيقول: لا يحقّ لكل امرء أن يهيمن عليك!

ما قام به النبي(ص) هو أنه من دون أن يوفّر المستلزمات والأسباب، أَمَر مسلمي مكة بالهجرة إلى المدينة، بحيث كان بعض المهاجرين يبيتون في الشارع. حسنا؛ سنهاجر يا رسول الله! ولكن كيف يكون السكن هناك؟ وكيف يكون شغلنا؟ وهل ستكون لنا أراض زراعية؟ أفيجب علينا أن نتبعك ونهاجر هكذا؟! أفهل أجرمنا بإسلامنا؟ أوهل أجرم أهل المدينة بإسلامهم، بحيث توجب عليهم أن يواسوا المهاجرين ببيوتهم؟! لقد شكّل النبي(ص) حياة ملؤها المواساة بشكل رهيب، بحيث نحن الآن لا نستيطع أن نفكر بها أصلا!

أوهل أنا الآن مستعد لأن أواسي هؤلاء الإخوة الموجودين هنا؟ يعني أناصف كلّ ما عندي معهم؟ وهذا ما حققه الرسول(ص) في المدينة. فإذا كان هذا هو المنوذج الصحيح للحياة، فلنعلم أن الإمام صاحب الزمان(عج) يريد أن يحقّق هذا النموذج. لذلك علينا ومن أجل أن نفهم طبيعة الظهور أن نفكّر جيدا في البعثة.

لقد قضى النبي(ص) على العلاقات الاجتماعية السابقة وأسس علاقات جديدة. ولكن سرعان ما عادت تلك العلاقات الجاهلية إلى موقعها السابق. جاء الخلفاء وخصّصوا لرؤساء القبائل والأقرباء رواتب أضخم، وللأناس العاديين رواتب أقل. قالوا: لأولئك وقع أجتماعي أكبر، فكل ما كان له هذا الوقع الاجتماعي فنخصص له راتبا أضخم. ونحن الآن هكذا نتعامل مع مدرائنا. من جانب نقرأ دعاء الندبة وننادي: «أين بن النبي المصطفى»، ومن جانب آخر نتمنّى أن ينال أولادنا مناصب أكبر لكي يحصلوا على رواتب أعلى. وأساسا غاب الإمام الحجة(عج) بهذا السبب! أنا لا أريد أن أقول: إن جميع أسباب تخصيص الراتب الأضخم غلط، ولكن لعلّ نصفها كذلك.


سماحة الشيخ بناهيان
طهران ــ برنامج عند السحر في قناة أفق الإيرانية
أسحار شهر رمضان عام 1443

@PanahianAR