Get Mystery Box with random crypto!

#تحمل_المسؤولية_والاستقلالية_أهم_مؤشرات_الولائية | (المحاضرة4) | علي‌رضا بناهیان

#تحمل_المسؤولية_والاستقلالية_أهم_مؤشرات_الولائية | (المحاضرة4) القسم الرابع

الصبر والشكر أيضًا إنْ لم يُعَلَّما جيدًا لا يعملان على تكامل صاحبهما


تفسير الإمام الصادق(ع) للفتوّة – بحسب الرواية – هو أنّ عليك أن تشكر إذا مُنِعتَ من النعمة، وأن تُؤثِر غيرك على نفسك أذا أُعطيتَها! هذه هي الفتوّة، في حين أن تفسير السائل للفتوّة هو أنّك إذا أُعطيتَ النعمةَ يجب أن تشكر وإِنْ مُنِعتَها فعليك أن تصبر.

كان موضوع بحثنا في العام الماضي هنا هو "المواساة" ولقد ذَكَرنا: أنّ مِن غير المروءة أن لا نعيش عيش المواساة. ما يؤسَف له هو أنّ أساليب تعليم الدين السائدة في مجتمعنا خاطئة في الأعَمّ الأغلب. فقد نجد في أحاديث أهل البيت(ع) أنّه لا قيمة لجهادك إذا كان بدافع غريزة الشجاعة عندك، بل لقد شبّهوا جهاد بعضهم بقتال الكلب دون جِرائه؛ «..وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُقاتِلُ بِطَبعِهِ مِنَ الشَّجاعَةِ فَيَحمي مَن يَعرِفُ وَمَن لا يَعرِفُ وَيَجبُنُ بِطَبيعَتِهِ مِنَ الجُبنِ فَيُسلِمُ أَباهُ وَأُمَّهُ إِلى العَدُوِّ وَإِنَّما المَآلُ حَتفٌ مِنَ الحُتوفِ وَكُلُّ امرِئٍ عَلى ما قاتَلَ عَلَيهِ وَإِنَّ الكَلبَ لَيُقاتِلُ دُونَ أَهلِه» (الغارات/ ج2/ ص343).

لقد تقدّم مجتمعُنا في الوقت الحاضر خطوات إلى الأمام، ولا ينبغي لك أن تجعل من اعتقاد الناس بالله تعالى رأسمالٍ لرضاك عن الوضع القائم، بحيث لا تهبّ في وجه الظلم، إذ سيوضَع الدين - حينذاك - في خدمة الرضوخ للظلم! فلا بدّ أن تكون دروسنا الدينيّة وأساليبنا التربويّة بطريقة لا يأبَه معها المراهق ذو الخمسة عشر أو الستة عشر عامًا، حين يتخرّج من الثانويّة، بسخرية الآخرين به من عدمها؛ أي أن يكون على درجة عالية من الاستقلاليّة تجعله لا يهتمّ إذا سخر به الآخرون.

في رواية عن الإمام الرضا(ع) تنقد – في واقع الأمر – الأخلاقَ بالحدّ الأدنى يوجّه فيها الناس أن إذا رأيتم شخصًا لا يعصي الله فلا تنخدعوا به، فلعلّه ضعيف جَبُنَ عن المعصية؛ «إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ قَدْ حَسُنَ‏ سَمْتُهُ‏ وَهَدْيُهُ وَتَمَاوَتَ فِي مَنْطِقِهِ وَتَخَاضَعَ فِي حَرَكَاتِهِ فَرُوَيْدًا لا يَغُرَّنَّكُمْ فَمَا أَكْثَرَ مَنْ يُعْجِزُهُ تَنَاوُلُ الدُّنْيَا وَرُكُوبُ الْحَرَامِ مِنْهَا لِضَعْفِ نِيَّتِهِ وَمَهَانَتِهِ وَجُبْنِ قَلْبِهِ فَنَصَبَ الدِّينَ فَخًّا لَهَا» (الاحتجاج/ ج2/ ص320). إذن ليس من المجدي أن ترتدع عن الذنب بأيّ ثمن. يقول الواحد منهم: "لكنّني، في النهاية، لم أذنب يا شيخ!". "حسنٌ، لكنّك قد تكون جبانًا على المعصية!" بالمناسبة، الحديث الآنف الذكر طويل، وفيه يواصل الإمام الرضا(ع) تعداد أنواع الصالحات ويُضعِفها الواحدة تلو الأخرى!

لو كانت مناهجنا التربويّة الدينيّة صائبة وركّزتْ حقًّا على تلك النقطة التي ينبغي التركيز عليها لاستطعنا تخطّي هذه الأزمة الثقافيّة بسلام، وهو أن لا تتحوّل العوائق أمام نزوع كلّ فرد من أفراد المجتمع نحو الاستقلاليّة والعزّة – الذي هو أعظم من فعلِ الصالحات وأشدّ منها قيمة – أن لا تتحوّل إلى عرف سائد في المجتمع.

على أنّ العائق لا ينحصر في مناهج تعليم الدين وحسب، فهناك – من الناحية الثقافيّة – الغزو الثقافيّ الغربيّ الذي يضخّ سمومه على مدار الساعة، وأسباب اللهو المبتذَلة التافهة التي تجرّك إلى التعلّق بها حتّى لا تفكّر في استقلاليّتك، بل ولا تخطر هذه المواضيع الراقية على بالك أبدًا. الأعداء – على أيّة حال – يقومون بواجبهم، فيقصفون عقولَ الناس على نحو موصول بثقافة الانشغال بالحدّ الأدنى من اللذّات والمنافع. فأعداؤنا - من ناحيتهم - يعملون على ترسيخ هذه الثقافة، وإنّ الدعوة الدينيّة ومناهج التربية الدينيّة التي يمارسها أهل الدين – من ناحية أخرى – هي أضعف من أن تستطيع هزيمة هذه الثقافة.



سماحة الشيخ بناهيان
طهران ــ كلية الإمام علي(ع) الحربية ــ موكب "ميثاق با شهدا" (العهد مع الشهداء)
03/ محرم/1443
اقرأ النص الكامل هنا:
Arabic.bayanmanavi.ir/post/1620

المحاضرة 3

@PanahianAR