لو كانت الأخلاق كافية فما الداعي إلى الدين؟ بواسطة 'التقوى' ي | عليرضا بناهیان
لو كانت الأخلاق كافية فما الداعي إلى الدين؟ بواسطة "التقوى" يعمل الدين على تنمية الأخلاق
التصوّرات الباطلة عن الدين وإصلاحها في رسالة أمير المؤمنين(ع) وكلامه | م8 (القسم الأول)
نحن لا نرى الأخلاق في مقابل الدين، بل نراها ركيزةً للدين. لا جدوى من الأخلاق التي لا توصِل صاحبَها إلى الدين. مَن لا تكتمل أخلاقه بالتديّن فهو غير صادق في تديّنه.
علي رضا بناهیان
عندما نقول: "الاكتفاء بالأخلاق ربما يمهّد لتحريف الدين ولذلك ينبغي التركيز على التقوى عوضًا عن الأخلاق" يظُنّ البعض أنّنا نريد اجتثاث الأخلاق من جذورها! في حين أنّ قصدنا هو "أنّنا لا نرى أنّ الأخلاق تقع في طرف النقيض من التقوى والدين".
لولا الأخلاق لما كان للدين موطئ قدم أصلًا. إنّ صفاتٍ حميدةً وفضائلَ مثل الحياء والشُكْر لها منزلة رفيعة؛ على سبيل المثال لا يمكن للدين أن يكون مؤثِّرًا ولا يمكن للإنسان أن يتقبّل الدين من دون الحياء، كما أنّ شُكْر المنعم هو من أسباب وجوب معرفة الله تعالى. إنّ مَن يفتقر إلى مثل هذه الخصال لا يُقبِل على الدين أساسًا، ولهذا فإنّ الأخلاق هي ركيزة الدين.
لو كان الشخص خلوقًا ورؤوفًا ثمّ عرَف اللهَ الرحيمَ والرسول(ص) الرحيم لكنّه لم يؤمن، فلا جدوى من أخلاقه هذه. فإنْ أوصلَتْنا أخلاقُنا إلى الدين فهي سليمة، وهذه الأخلاق ذاتها هي التي تكون ركيزة للتديّن.
بعض مَن كان صاحب فضائل أخلاقية قبل بعثة رسول الله(ص) للنبوّة صارَ بعد البعثة في عداد خيرة شهداء الإسلام، ومن هؤلاء جعفر الطيار(رض) إذ يقول: «ما شربتُ خَمرًا قَطّ... وما كذَبتُ قطّ... وما زنَيتُ قطّ... وما عبَدتُ صنمًا قطّ...» (من لا يحضره الفقيه/ ج4/ ص397).
لولا أنّ الأخلاق كانت متفشّية بين قريش قبل بعثة رسول الله(ص) لما عرفوه بأمانته، ولما كان صدقه وأمانته صفات ذات قيمة عندهم. إنْ ظنَّ الناسُ أنّ السواد كان يَغشَى أعداءَ النبي(ص) من قمّة رأسهم إلى أخمص قدمهم وأنّه لم يكن فيهم حُسْن واحد فهذا يقودهم إلى الخلط والخطأ في الفهم وعندها لن يتصوَّروا كَم أنّ الاستغناء عن الدين والاكتفاء بالأخلاق شيء قبيح.
لا شك أنّ الأخلاق هي ركيزة الدين ودعامته، ولهذا لا بد للأخلاق الحميدة أن تصنع من الإنسان شخصًا متديّنًا. كما لا شك أيضًا أنّ الدين يُكَمّل الأخلاق، فلو لم يُكَمّل الدينُ أخلاقَ امرئٍ، فهذا مؤشِّر على أنّ هذا الإنسان غير صادق في تديُّنه.
المكان: برنامج "شهري"، القناة الثالثة في التلفزيون الإيراني الزمان: سحر الثامن من شهر رمضان المبارك1444 - 30/ آذار/ 2023
