Get Mystery Box with random crypto!

'الملاذات الآمنة'.. ما وراء تصعيد 'داعش' في العراق (مقال تحليل | رائد الحامد

"الملاذات الآمنة".. ما وراء تصعيد "داعش" في العراق (مقال تحليلي)
الكاتب رائد الحامد يرصد تصعيدا متبادلا بين القوات العراقية و"داعش" ويستطلع أهدافا للتنظيم الإرهابي تتعدى قتل عناصر القوات الأمنية والحشدين الشعبي والعشائري
19.02.2021
"الملاذات الآمنة".. ما وراء تصعيد "داعش" في العراق (مقال تحليلي)

Istanbul
رائد الحامد/ الأناضول

على الرغم من الضربات القاسية التي تعرض لها تنظيم "داعش" خلال وبعد سيطرته على أجزاء واسعة من العراق وسوريا بين عامي 2014 و2019، لا يزال يشكل تهديدا لأمن البلدين واستقرارهما.

ولا يزال التنظيم يمتلك شكلا من أشكال حرية الحركة والتنقل عبر الحدود العراقية مع سوريا، في مناطق صحراوية بمحافظتي الأنبار (غرب) ونينوى (شمال)، من منطقة شمال نهر الفرات في قضاء القائم بالأنبار وصولا إلى سلسلة جبال بادوش غربي نينوى.

وسجل "داعش" حضورا في مناطق قضاء الرطبة القريبة من المثلث الحدودي العراقي الأردني السوري، وجنوبا في مناطق قريبة من الحدود السعودية مع محافظتي الأنبار وكربلاء (جنوب).

وفي حزام بغداد، نفذ التنظيم هجمات شمال العاصمة، وصولا إلى قضاء سامراء بمحافظة صلاح الدين (شمال)، في دلالة على وجود مجموعات صغيرة تابعة له في هذه المنطقة بكثرة المسطحات المائية والبساتين والطرق الزراعية، التي تسهل عملية انتقال المسلحين وتنقلهم بعيدا عن رصد الأجهزة الأمنية وفصائل "الحشد الشعبي" المنتشرة بكثافة، خاصة في محيط مدينتي سامراء وبلد.

وإلى الشمال من محافظة صلاح الدين، يجد التنظيم بيئة جغرافية ملائمة لتوفير ملاذات "شبه آمنة" لإقامة مسلحيه، والانطلاق منها لتنفيذ هجمات، خاصة في صحراء قضاء بيجي وصولا إلى صحراء الأنبار.

وكذلك توفر سلسلة جبال حمرين جنوب غرب كركوك (شمال) ملاذات آمنة كليا للانطلاق منها لتنفيذ هجمات في محيط كركوك، التي تعد أيضا مناطق تمركز للتنظيم، حيث تمتاز بطبيعة جغرافية وعرة وهشاشة أمنية ناتجة عن غياب التنسيق الأمني بين حكومتي بغداد وأربيل (شمال).

وينشط "داعش" أيضا في المناطق المتنازع على عائداتها بين حكومتي بغداد وأربيل، حيث تشهد هذه المناطق هشاشة أمنية بغياب التنسيق بين الحكومتين والسيطرة على الملف الأمني في تلك المناطق.

ويعتمد التنظيم في ديمومة وجوده على مواصلة التجنيد في صفوفه وضمان الإمدادات المالية.

وتشير تقارير غربية إلى صعوبات جدية يواجهها التنظيم في تجنيد المزيد من العناصر في العراق، وبشكل أقل في سوريا، بينما لا يزال يمتلك القدرة على التمويل المالي عبر عمليات ابتزاز لشبكات تهريب النفط شرقي سوريا، والاختطاف مقابل فدية مالية، والاستثمار في شركات الصيرفة وشركات أخرى تمارس أعمالا تجارية اعتيادية.

وتقدر الإمكانيات المالية المتاحة أمام "داعش" بنحو 100 مليون دولار، وفق أحدث تقرير للأمم المتحدة.

وفي سياق جهد التنظيم لإعادة تأهيل بنيته التحتية بعد خسارته آخر معاقله شرقي سوريا، في مارس/آذار 2019، قدّر تقرير للأمم المتحدة صدر أوائل هذا الشهر، وجود ما لا يقل عن عشرة الآف مسلح معظمهم يتواجدون في العراق، ولهم القدرة على شن هجمات في المناطق التي تشهد نزاعات بشكل أكبر من المناطق المستقرة.

ومع وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض، في 20 يناير/كانون الثاني الماضي، شهدت ساحات الصراع في المنطقة تصعيدا غير مسبوق، تمثل في زيادة عدد الهجمات التي يشنها "داعش" في كل من سوريا والعراق، وعمليات أخرى لمجموعات شيعية مسلحة حليفة لإيران، استهدفت مصالح وقواعد أمريكية في العراق.

وتسعى إدارة بايدن إلى تخفيف حدة التوترات في المنطقة عموما، وتحييد إيران والمجموعات الحليفة لها عن استهداف المصالح الأمريكية، من خلال سياسة أكثر لينًا مع إيران، عبر وقف الدعم العسكري للسعودية في حربها باليمن.

وكذلك عبر تخفيف العقوبات على جماعة "أنصار الله" (الحوثي) حليفة إيران في اليمن، ورفعها من لائحة المنظمات الإرهابية الأجنبية، بالإضافة إلى دعوات للحوار مع طهران حول الملف النووي والصواريخ البالستية.

ولا تبدي الإدارة الأمريكية الجديدة اهتماما كافيا حتى الآن بتهديدات "داعش" وتصاعد وتيرة هجماته.

خلال ثلاثة أعوام من خسارته آخر معاقله الحضرية في العراق نهاية 2017، نفذ التنظيم المزيد من الهجمات على مواقع عسكرية للقوات الأمنية ومعسكرات للحشد الشعبي والبنية التحتية لإمدادات الطاقة الكهربائية والمتعاونين مع القوات الأمنية.

وبلغت هجماته ذروتها، في 21 يناير/كانون الثاني الماضي، عندما فجر انتحاريان نفسيهما في تجمع للعمال وبائعي الملابس بمنطقة ساحة الطيران وسط بغداد، ما أسقط 32 قتيلا ونحو 80 جريحا.

وقبل هذا الهجوم، لم تشهد العاصمة نشاطات ملحوظة للتنظيم منذ يناير 2018، حين وقع هجوم انتحاري في المنطقة نفسها، وأسفر عن مقتل العشرات أيضا.