Get Mystery Box with random crypto!

ربما الذي حصل لم يكن ليحصل ، فالإنسان كلما اعترف بفقره وضعفه و | قناة الأدب الإسلامي

ربما الذي حصل لم يكن ليحصل ، فالإنسان كلما اعترف بفقره وضعفه و أعلن حاجته لله كان الله في عونه وكلما اطمأن لشيء غير الله خذله الله به ليعلم أن الأمر كله بيد الله و تدبيره ، يقول ابن القيم: وقد قضى الله أن من أحب شيئا سواه عُذب به ومن خاف غيره سُلط عليه ومن اشتغل بشيئ غيره كان شؤما عليه ومن آثر غيره عليه لم يبارك له فيه ومن أرضى غيره بسخطه أسخطه عليه ولابد.
يظهر هذا في غزوة حنين عندما قال المجاهدون من الصحابة: لن نهزم اليوم من قلة ، قال تعالى:" ..ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين" فانظر كيف جعلت الكثرة مدعاة للعجب و أنها سبب للنصر و انظر كيف تضيق الحياة على المنكوب حتى تكون أضيق عليه من نقطة حبر، فظهرت شجاعة النبي صلى الله عليه و سلم وتقدم يقابل الجيش وحده لا يلتفت وراءه، يصف العباس -رضي الله عنه- لنا المشهد بقوله:
شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فلزمت أنا، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم نفارقه ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلة له بيضاء أهداها له فروة بن نفاثة الجذامي، فلما التقى المسلمون والكفار ولى المسلمون مدبرين، فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يركض بغلته قبل الكفار، قال عباس : وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكفها إرادة أن لا تسرع، وأبو سفيان آخذ بركاب رسول الله صلى الله عليه وسلم،(لقد جفل الناس من اتساع رشق النبال و أما هو عليه الصلاة والسلام فإنه يتقدم نحو الجيش لا يهاب حتى أن العباس و ابا سفيان يمسكان بغلته كي تتباطأ وهي مسرعة تتقدم نحو الكفار :
كريم يغض الطرف فضل حيائه
ويدنو وأطراف الرماح دواني)

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أي عباس، ناد أصحاب السمرة ". فقال عباس - وكان رجلا صيتا - فقلت بأعلى صوتي : أين أصحاب السمرة ؟ قال : فوالله، لكأن عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها، فقالوا : يا لبيك، يا لبيك.( هكذا نحن البشر يغرقنا الوهم قبل ساعة الهزيمه ونجيد اللوم بعد الندم، لسنا سوى أمانٍ صامته يوقضها ناقوس النهايات )، قال : فاقتتلوا والكفار والدعوة في الأنصار يقولون : يا معشر الأنصار، يا معشر الأنصار. قال : ثم قصرت الدعوة على بني الحارث بن الخزرج، فقالوا : يا بني الحارث بن الخزرج، يا بني الحارث بن الخزرج. فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على بغلته كالمتطاول عليها إلى قتالهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هذا حين حمي الوطيس ". قال : ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حصيات فرمى بهن وجوه الكفار، ثم قال : " انهزموا ورب محمد ". قال : فذهبت أنظر فإذا القتال على هيئته فيما أرى، قال : فوالله ما هو إلا أن رماهم بحصياته فما زلت أرى حدهم كليلا ، وأمرهم مدبرا.
فلا تعلق قلبك ولا أملك بغير الله ومتى غلبتك سوءة الغفلة فلا تفتك فضيلة الأوبة:
فقيرا جئت بابك  يا إلهي  
ولست إلى عبادك   بالفقـير
غني عنهــم بيقين قلبي
وأطمع منك في الفضل الكبير

و اعلم أن الأمر كلما ضاق اتسع و قرب معه الفرج:
"وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد"