Get Mystery Box with random crypto!

ذواقة . في ليفربول كنت أخرج من منزلي وأول ما يواجهني متجر دي | مكان !

ذواقة .


في ليفربول كنت أخرج من منزلي وأول ما يواجهني متجر ديبنهامز الشهير، أعبر من داخله لأستخدم عطورهم قبل لقائي بالأصدقاء وأخرج من الباب الآخر، ثم أدخل لشرب الماء مجانًا من أي مقهى بالجوار، وأستخدم دورات المياه الخاصة بهم وأكمل مسيرتي، وإن كنت سأكسر القانون فسأستقل إحدى وسائل النقل العامة "الميترو، الترام" للمسافات القصيرة دون أن أدفع ثمن التذكرة، وبعد ذلك أسأل أصحاب المنشآت الحكومية عن " quiet room “ لأصلي صلاة العصر قبل أن يخرج موعدها، وأدعو الله أن يغفر لي ما سبق. وبعد ذلك أتوجه للمتحف الذي لم يغلق أبوابه بعد لأرى ما إذا كان هناك تمثال لسيدة عارية أتلمس ثدييها خلسة بحجة تفحص المنحوتة، ومن المتحف إلى المعرض ومن المعرض إلى المسرح وإن كنت تعرف حارسًا اسكتلنديًا يكره الإنجليز فسيدخلك للسينما مجانًا دون تذكرة وتتفرج فيلم اليوم وتخرج.

الحياة في بريطانيا بسيطة لهذا الحد، ولكن الصعب هو أن تجد محلات الطعام تقدم لك قطعة مما طبخوا "للذواقة" ولا تستطيع أن تقنع البائع بتذوق قطعة خبز أو لحم أو حلوى. وربما لو كان هذا واقعًا لازدحمت بريطانيا بالمهاجرين ( مبالغة ).

في السعودية مثلاً وفي عدد من الدول العربية، عندما تذهب لمحل العصير سيعطيك البائع كأس عصير آخر للتجربة، وإن مررت بأي فكهاني فسيعطيك مما لديه لتذوق، ولو كنت في محل حلويات شرقية فستجد من يباشرك بصحن مكتنز بالبسبوسة والكنافة بالعسل والحلويات الأخرى. لا تستطيع أن تسأل أحد عن رغبتك في تذوق شيء، لأنه سيبادر من قبل أن تسأل، أما في بريطانيا فهذا غير ممكن !

حكت لي خالتي أنها شاهدت مقابلة مع إحدى الممثلات العربيات اللائي فررن من بلادهن في حقبة ما، عاشت هذه الممثلة ( وأظنها تحية كاريوكا ) في شقة في لندن، تقول الممثلة أنها كانت تمر يوميًا ببائعة فواكه تحت شرفتها ويتحدثون لساعات طويلة، وجرت بينهما صداقة امتدت لعامين وربما أكثر. تحكي الممثلة أنها في يومٍ ما كانت تتحدث مع البائعة وبالخطأ جاءت يدها على عنقود العنب وسحبت منه حبة ووضعتها في فمها، فما كان من البائعة إلا أن صرخت في وجهها وضربت يدها وكأنها قالت أنني جلبت هذا بالمال. تقول الممثلة : أنه وبالرغم من خفة الضربة إلا أنها كانت موجعة الأمر الذي دفعني للبكاء بشدة لأيام وذكرني كيف كنت أُستوقف من الباعة في القاهرة "للذواقة" فقط .

تعالا دوء ما تشتريش !
بس دوء يا باشا
والنبي لا تدوء!

هذه الفروقات اللطيفة هي التي تمايز الأمم عن بعضها البعض، وهي ما يجعل العرب أكثر رحابة من غيرهم، حتى أن أحمد ديدات شرح مرة كلمة "أهلاً وسهلاً" وقال أنها أجمل كلمة ترحيبية في جميع اللغات، الأمر الذي يعني أن طبع العربي التبسط مع الغرباء حتى وإن تصرف بعكس ذلك .