🔥 Burn Fat Fast. Discover How! 💪

#تاريخ_البعثة_وعصر_الظهور | الفصل الثاني ــ (المحاضرة3) القسم | علي‌رضا بناهیان

#تاريخ_البعثة_وعصر_الظهور | الفصل الثاني ــ (المحاضرة3) القسم الثاني

للمستكبرين والخانعين ضِعفان من العذاب
النبي(ص) قد نسخ المعادلات الاجتماعية وقوّى الضعفاء ولكن لم يَخلُ ذلك من أعراض


لعلّ في القرءان توجد ثلاث آيات أو أربع، بحسب تصوّري هي أعجب آيات القرءان. إحداها هي قوله في شأن أهل النار (وَ لَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ) [الأنعام/28] فإنها من أعجب آيات القرءان، ولا يمكن شرح ذلك بسهولة أنه كيف يمكن أن يعود هؤلاء إلى كفرهم بعد ما ذاقوا عذاب الحريق. ومن الآيات العجيبة التي تكرّر مضمونها في القرءان هي أن بعض أهل جهنّم يقولون: ربنا نحن كنا مستضعفين وقد أضلنا كبراؤنا، فعذّبهم ضعفين، فيقول الله: أعذب كليكما ضعفين! (قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ قالَ لِکُلٍّ ضِعْفٌ) [الأعراف/38] لماذا استسلمتم لهم؟ ولماذا بقيتم ضعفاء؟ ولماذا استسلمتم للاستكبار؟ طبعا ليس المرفوض هو الخنوع للاستكبار فحسب، بل الخضوع لأي متفوّق ممنوع أيضا.

نحن في بداية نشاطنا في مدرستنا الحوزويّة الدينية، دعونا أفضل الأساتذة لكي ينتفع بهم الطلاب أفضل انتفاع. بعد فترة وجدنا الطلّاب يهابون أساتذتهم لشدّة علمهم وخامرهم شعور بأننا لن نبلغ درجتهم في العلم حتى بعد مئتي سنة. فاعتذرنا من أولئك الأساتذة الجيّدين جدا، وقلنا لهم نحن لا نريد أساتذة بهذا الفضل والرقيّ. وإنما نريد أستاذا يقول تارةً: «أخطأتُ!» يعني يماشي الطلّاب ويواكبهم ويطوّرهم.

انظروا إلى هذه العبارة في الآية الكريمة: (رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا...) فعذّبهم ضعفين ثم يقول الله: (لِکُلٍّ ضِعْفٌ). العجيب هو أن هؤلاء المستكبرين قد قمعوا المستضعفين ودمّروا حياتهم وركبوا على أكتافهم فمن الطبيعي أن يُعَذَّبوا ضعفين. النقطة المهمّة جدا هي أن هؤلاء المستضعفين الذين تجرّعوا البؤس والتعاسة أيضا يجب أن يُعَذَّبوا ضعفين. هؤلاء الذين ركضوا وراء المستكبرين فضلّوا وتاهوا أيضا يستحقّون ضعفًا آخر من العذاب.

لقد نسخ رسول الله(ص) المعادلات الاجتماعية وقوّى الضعفاء. أحد نماذج هذه السياسة، هو بلال الحبشي. من كان يتصوّر أن في ذلك المجتمع العنصري، يصعد غلام أسود على الكعبة ويؤذن فيها ويحظى بكل ذاك الجلال والاحترام؟ فلأبيّن هنا نقطة. كثير من أصحاب النبي المبرّزين من الذين سمعنا بأسمائهم مثل مقداد وسلمان، لم يقدروا على إحداث تغيير اجتماعي. كانوا من المستضعفين الجيّدين، كانوا عبيدا أو من الطبقة النازلة في المجتمع بحيث لم يَعبَأ بهم أحدٌ فلم يقدروا على أن يكونوا مؤثرين في المجتمع. ولكن النبي الأكرم(ص) قوّاهم وجرأهم، وبالطبع لم يكن يخلُ ذلك من أعراض. ليس في مقدوري أن أصرّح بالأعراض، بل سأذكرها على سبيل الإشارة فقط. من أعراضها هو أن ادعى الحكومة بعد وفاة الرسول(ص) أناس، لم يَرضَ بهم حتى أولئك الذين كانوا بصدد التآمر على الرسول(ص). الشخص الذي كان يتوقّع منه أن يتآمر على أمير المؤمنين(ع) ويمسك بزمام الحكومة، هو أبوسفيان إذ كانت له سابقة في الحكم والرئاسة، ولكن تصدّى للأمر قوم لم تكن لهم قاعدة شعبية ولا وزن يعتنى به، ولكن الرسول(ص) كان قد نسخ معادلات المدينة، فانفسح المجال لبعض الناس أن يرتقوا سواء على هدى أم على ضلال، بحيث أثيرت حفيظة أبي سفيان وجاء لعلي بن أبي طالب(ع) يستنهضه ويعده بالبيعة!

إنها لنقطة مهمّة جدّا. كان يملك رسول الله(ص) هذه الشجاعة والجسارة على أن يعين المستضعفين ويرفع مستواهم. ولكن لا تخلو هذه المعادلات الجديدة من أعراض، فقد يكون مردودها عليك وعلى مجتمعك! ولكن لا مفرّ من ذلك ولا بدّ، فلا يمكن غلق المسجد لوجود بضعة أشخاص تاركي الصلاة! يعني لا بدّ من العمل بهذه السيرة مهما كانت النتائج.


سماحة الشيخ بناهيان
طهران ــ برنامج عند السحر في قناة أفق الإيرانية
أسحار شهر رمضان عام 1443

@PanahianAR