2022-08-12 09:29:57
#تحمل_المسؤولية_والاستقلالية_أهم_مؤشرات_الولائية | (المحاضرة1) القسم السابع
خطة الله لكي نعبده هو ولا نعبد غيره هي: "لأكن مستقلًّا"
حتى "مقارعة الظلم" لا قيمة لها من دون صون العزة
فلنتخلص من الرق، ولنتخلّص من الذُلّ، ولننبذ أشكال التربية المُذِلة. يقول: "لا تكن أسيرًا لهواك، لأني أريد أن أجعلك مستقلًا"... من هنا تبدأ الأمور. والآن ماذا في جعبة الله من خطط لإيصال الإنسان إلى هذه الاستقلالية؟ سنبدأ، من الليلة القادمة إن شاء الله، بإلقاء الضوء على هذا الموضوع.
إذن خطة الله جل شأنه لكي نعبده هو ولا نعبد غيره هي: "لأكُن مستقلًّا". لكن كيف يوّجه الله تعالى لنا الأوامر ثم - في الوقت ذاته - يربّينا على الاستقلالية؟! كيف يتحتم أن نكون أذلاء لله، ثم لا نكون – في الحقيقة - أذلاء، لا بل نكون في قمة العزة؟! كيف لنا أن نكون مطيعين لله عز وجل، ثم نكون نحن أنفسنا مثله تعالى؟! كيف يكون هذا؟
أهم عنصر في تاريخ البشرية باعثٍ على العزة وأكبر مُعلّم للعزة هو الإمام الحسين(ع). أهم ركيزة للعزة هو الاستقلال الروحي، وإن الدين، كُلَّ الدين، هو سِرّ إيصال الإنسان إلى هذه الاستقلالية. وإن هناك في صلب الدين – وهو ما سنتطرق إليه أكثر في الليالي الأخيرة - جوهرةً ساطعةً تعمل - أكثر من أجزاء الدين جميعًا - على إيصالنا إلى حالة الاستقلال هذه.
لقد منحَنا الله تعالى الإرادة، منحَنا القوة، منحَنا الإدراك، إن علينا أن نبلغ أعلى وأرفع ذُرى الحرية، وهذا هو قمة الازدهار، إنه قمة الاستقلالية. إن الله تعالى لا يُضَحّي بالإمام الحسين(ع) من أجل مفهوم هزيل، ولم يخلق حادثة كربلاء ليعطينا درسًا سهلًا مُبتذَلًا يفهمه الجميع. لا نحصُرَنّ حركة أبي عبد الله الحسين(ع) في حدود "مقارعة الظلم" الضيقة، فمقارعة الظلم هي جزء يسير من واقعة الطف. لماذا تريد مقارعة الظلم أصلًا؟ لأن الظالم يسلبك عزتَك. طيّب، تفوَّهْ بهذا إذن!
إذا قارع الشخصُ الظلمَ لكنه كان ذليلًا ولم يصُن عزّتَه ولا عزّة غيره، فأي مقارعة للظلم هذه يا ترى؟! ما قيمتها؟! مقارعة الظلم شيء جيد، إلا أنه لا قيمة للشيء الجيد إذا لم يمنح الاستقلال والعزة ولم ينطوِ على الإخلاص والتقرب إلى الله. أتقرأ القرآن؟ أتصلي؟ أتذهب إلى الحج؟ أعندك أخلاق؟ ما قيمة الأخلاق إذا كان الشخص ذليلًا غير مستقل وغير مخلص لله؟! تعسًا لحُسن الخُلق إذا كان صاحبه ذليلًا، ضعيفًا، مَهينًا! لا تُقبَل الصالحات جميعًا إذا عَدِمَ صاحبُها العزةَ والاستقلال، أو ما يُصطلَح عليه في الدين "الإخلاص".
عندما تحارب الظلم يجب أن تفصح عن أنه: لماذا أنت تحارب الظلم؟ السبب هو أن الظالم يلطّخ عزة الناس بالعار، لأنك عزيز وتريد أن تصون استقلالك ولا ترضخ للظلم! أجل، هذا شيء نفيس. وحينذاك فإنك، على طريق مقارعة الظلم، لن تحترم استقلال نفسك وعزتها فحسب، بل ستحرص على استقلال الآخرين وعزتهم أيضًا؛ كما هو شأن أمير المؤمنين(ع)، إذ قَتلَ عمرو بن عبد وُدّ لكنه صان عزته. لقد كشف(ع) عن صدقه في مقارعة الظلم. لماذا؟ لأن فلسفة مقارعة الظلم هي منح الناس هذا الاستقلال تحديدًا لكي لا يكونوا عبيدًا لغير الله. ومن ثم إن أثر هذا الاستقلال هو العزة، وعليه فيجب عليَّ أنا الآن أن أصون عزة عمرو بن عبد ود، فإن كانت فلسفتي في محاربة الظلم هي هذه، فلا بد أن أحفظ الآن فلسفتي هذه.
سماحة الشيخ بناهيان
طهران ــ كلية الإمام علي(ع) الحربية ــ موكب "ميثاق با شهدا" (العهد مع الشهداء)
29/ ذو الحجة/1443
اقرأ النص الكامل هنا:
arabic.bayanmanavi.ir/post/1566
@PanahianAR
7.2K views06:29