2022-11-26 10:50:58
#تحمل_المسؤولية_والاستقلالية_أهم_مؤشرات_الولائية | (المحاضرة3) القسم السادس
إن لم تكن مستقلًّا فستكون عبدًا للطواغيب
إنكار الإمام علي(ع) على الناس: لماذا معاوية يعينه أصحابه وأنتم لا تعينونني؟
يا أهل الكوفة، أنتم ما كنتم تطيقون القتال مع عليّ(ع)، فماذا حصل فصرتم جنود يزيد وقتلتم الحسين(ع)؟!
مضافًا إلى ذلك فإنّنا سنوجّه إلى أنفسنا ضربةً أخرى؛ فإنّ اللصوص والسُلّاب والطغاة الذين يسعون لاستعبادك في العالم كثيرون، وإنّك ستكون أسوَغ لقمة لهم إن لم تكن مستقلًّا. ستكون عبدًا للطواغيت، شئتَ ذلك أم أبَيت! فما العمل؟ إنّ الإنسان الذي لم يبلغ استقلاليّته ولم يزدهر ثمّ فسَدَ سيصبح تلقائيًّا جنديّ سُخرةٍ للطواغيت! فكيف نصنع مع هذه المشكلة؟!
قد يقال: طيّب، هو يرفض استقلاليّة نفسه، فما شأنك أنت؟! لا يريد أن يكون مستقلًّا، يريد أن يكون تبَعًا، تبَعًا لغرائزه الضحلة، لأصدقائه، لأعدائه، لكائنٍ مَن كان، يريد أن يكون هكذا، بل لا يريد الازدهار أصلًا، أهُوَ تعسُّف؟! كلا، ليس تعسُّفًا، حتّى الأنبياء لم يتعسّفوا مع أحد، ونحن الذين ندّعي أنّنا مُريدو الأولياء لا ينبغي أن نتعسّف مع أحد أو نُكرِهه على شيء. حسنٌ، إنْ لم ترغب في أن تكون مستقلًّا فلا بأس، لكن لا يجنِّدك الأعداء أيضًا، لا تكن جنديّ الصهاينة كذلك! لأنّك حينها ستحاول قتلي!
إن لم تشأ أن تكون مستقلًّا فلا تكن.. لا بأس، لكن لِمَ تصير عبدًا للطواغيت؟! لمثل هذه المواقف بالذات يغتاظ المستقلّون في المجتمع ويناشدون أصدقاءهم بإلحاح أن: كونوا مستقلّين، لا تكونوا عبيدًا للطواغيت، لا تدَعوا الأخيرين يستغلّونكم. في ما روي عن أمير المؤمنين(ع) أنّ معاوية كان يستغلّ الرعيّة لمآربه من دون مقابل؛ «أَوَلَيسَ عَجَبًا أَنَّ مُعاوِيَةَ يَدعو الجُفاةَ الطَّغامَ [أرذال الناس] فَيَتَّبِعونَهُ عَلى غَيرِ مَعونَةٍ وَلا عَطاءٍ وَأَنا أَدعوكُم وَأَنتُم تَريكَةُ الإِسلامِ وَبَقِيَّةُ النّاسِ إِلى المَعُونَةِ أَو طائِفَةٍ مِنَ العَطاءِ فَتَفَرَّقُونَ عَنِّي وَتَختَلِفونَ عَلَيَّ» (نهج البلاغة/ الخطبة180)، وإنّنا لنشاهد كيف أنّ الصهاينة يُجَنّدون من بيننا الأشخاص بلا مقابل، وكيف أنّ الأخيرين يبذلون لهم المستحيل.
إنّ من حِكَم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو "إنّك إن أحببتَ أن لا تكون مستقلًّا فلا شأن لأحد بك، لكن أتَعِدُنا بأن لا تكون عبدًا مُسَخَّرًا للطاغوت إنْ صرتَ غير مستقلّ؟" ولأُعطِكم أنموذجًا لذلك من التاريخ: كان أمير المؤمنين(ع) يطالب الناس بنصرته فكانوا يتنصّلون منها ويقصّرون معه، فيعترض عليهم أن: ما بال أهل الشام ينصرون معاوية وأنتم لا تنصرونني؟! (المصدر السابق نفسه)، (لكن يا سيّدي، إنّك تريد الناس مستقلّين، وأن ينصروك أيضًا، وهم غير مستقلّين، أمّا معاوية فيستعبد الناس استعبادًا).
يقول أمير المؤمنين(ع): إنّي لقادر على استعبادكم وإرغامكم على العمل لي بقوّة السيف، لكنّي لا أفعل ذلك؛ «وَإِنّي لَعالِمٌ بِما يُصلِحُكُمْ وَيُقيمُ أَوْدَكُمْ وَلكِنّي وَاللهِ لا أُصْلِحُكُمْ بِإِفسادِ نَفسي» (الغارات/ ج2/ ص625)، فكانوا يتّهمونه(ع): بأنّك لا تُحسِن الحُكم!" ولم يتّهموه هو وحسب، بل اتّهموا النبيّ(ص) بهذه التهمة أيضًا!
يقول أمير المؤمنين(ع): "لماذا لا تعينونني؟" لكنّك، يا سيدي، تريد أن تتعامل مع هؤلاء على أنّهم آدميّين، وأنْ يتصرّفوا على أساس الإخلاص والاستقلاليّة وروح عدم التبعيّة فيهم، لكنّهم لا يريدون الاستقلاليّة، إنّهم عبيد، يتسيَّد عليهم كلُّ مَن هَبّ ودبّ، ويسلبهم! هذا ما يخبرنا به التاريخ.
حسنٌ، لم تنصروا عليًّا(ع)، لا بأس، لكن لا تنصروا أحدًا بتاتًا! يا أهل الكوفة، إنّكم لم تنصروا عليًّا(ع)، لا بأس، لكن لا تسيروا خلف شخص آخر. لَمْ تقاتلوا مع عليّ(ع)، لا بأس، لكن لا تقاتلوا مع يزيد أيضًا فتسيروا لقتل الحسين(ع)! لا تقاتلوا مع أيٍّ كان، وكونوا مستقلّين تمامًا! يا أهل الكوفة، إنّكم لم تنصروا عليًّا(ع)، فليكن، إذن لا تنصروا أحدًا قطّ. حين لا تنصرون عليًّا(ع) لماذا تراكم تنصرون من بعده يزيد فتقتلون الحسين(ع)؟! ألف وأربعمئة سنة ونحن نلطم، ونبكي، ونضجّ لأجل هذا الكلام!
أيّها اللئام، ألا إنّكم لم تكونوا أهل قتال، وكنتم تتحجّجون بأنْ لا طاقة لكم بالحرب. حسنٌ، إن لم تكن لكم طاقة بالحرب مع الإمام عليّ(ع) فما الذي حصل لتخرجوا بإمرة يزيد وتقتلوا الحسين(ع)؟!
سماحة الشيخ بناهيان
طهران ــ كلية الإمام علي(ع) الحربية ــ موكب "ميثاق با شهدا" (العهد مع الشهداء)
02/ محرم/1443
اقرأ النص الكامل هنا:
Arabic.bayanmanavi.ir/post/1614
المحاضرة
2
@PanahianAR
1.5K views07:50